“لا يوجد طائفية في سوريا، بل يوجد طوائفية وهناك فرق بنيوي وعميق وصارخ بين الحالتين. سوريا فيها تعدد طوائفي وهذا أمر صحي وبناء، وفيه غنى وعمق مجتمعي للبلد، ما لم تعان سوريا منه في الماضي هو الطائفية، وهي أيديولوجية سوسيولوجية تقوم على تصنيف الذات قيمياً وشيطنة الآخر والانعزال عنه والتعادي التضادي معه، نحن لم نكن كلبنان، إذ أصيبت طوائفها بمرض ’الطائفية‘ ودخلت في حرب أهلية، أما سوريا فلم تصب بمرض الطائفية، ولهذا ما حدث فيها في السنوات الماضية لم يكن حرب أهلية على الإطلاق ومن الخطأ العلمي والتحليلي والموضوعي أن نقول إن ما حدث في سوريا كان ’حرباً بين الأهالي‘ أو ’حرباً بين الطوائف‘، بل كانت ’حرباً ضد جميع الأهالي‘، و’حرباً على كل الطوائف‘ شنها نظام مجرم بربري سفاح”.
“أخاف من تفشي مرض الطائفية بين طوائف سوريا الآن في هذه المرحلة، بسبب الأعمال الفردية الانتقامية والعنفية والعدائية والتكفيرية والأصولية التي تمارسها فئات معينة مسلحة باسم الإدارة الحالية وتحت غطائها التسامح معها ضد شرائح مجتمعية أخرى في المشهد السوري، وكذلك فإن غياب تطبيق العدالة الانتقالية والإمعان في احتضان مجرمي النظام السابق وفاسديه وأتباعه قد يدفع الشارع السوري إلى التشظي والتفكك طائفياً، بعد أن كان يتمتع بالتنوع والتعدد والتناغم طوائفياً”.
لكن “مع استمرار الصراع، بات من المؤكد أن الطائفية لن تختفي بسهولة من المشهد السوري، لكنها قد تظل موجودة تحت سطح الأحداث في صورة متفاوتة، لكن ما يمكن أن يتغير هو وعي المجتمع، إذا توافرت فرص للمصالحة الوطنية، وإعادة بناء البلاد على أسس أكثر شمولية، وتتطلب هذه العملية عدالة اجتماعية وتعاملاً دقيقاً مع جميع المكونات الاجتماعية والطائفية بما يضمن السلام والاستقرار طويل الأمد”.
نجيب جورج عوض باحث وأكاديمي سوري، متخصص في الفلسفة والعلوم الإنسانية. أستاذ مشارك في علم اللاهوت المسيحي ومدير قسم دراسات الدكتوراه في كلية هارتفورد للدراسات الدينيَّة في كونيكتكت، أمريكا.
مصدر: الإندبندنت