كتبت: رانيا ناربي
تحولت شوارع دمشق خلال الأشهر القليلة الماضية، وخاصة بعد احتفالات البلاد بتحريرها من حكم النظام السابق، لساحة مفتوحة لتصريف العملات، حيث انتشرت بسطات الصرافة بشكل علني بقلب العاصمة، وبالتحديد بأماكن رئيسية مثل سوق الحميدية، ساحة المرجة، شارع الحمرا، الحريقة، المحافظة وغيرها، و ما عادت هالمهنة مقتصرة على مراكز الصرافة المرخصة والبنوك، بل تطور الوضع ليصير سلوك يومي بيمارسه أفراد من مختلف الطبقات الاجتماعية، من السمانين للبقالين، وحتى الحلاقين، والتجار، وسائقي التاكسي، وإلخ، وسط غياب الدولة وجهاتها المعنية عن هالمشهد تماماً.
الشي يلي زاد من معاناة الاقتصاد السوري يلي أساساً عم يشهد تدهور من جهة، وتفاقم معاناة المواطنين تحت وطأة هالظاهرة من جهة تانية، خصوصاً مع ضعف توفر الليرة السورية عند المواطنين يلي بيضطروا يدوروا على مصادر غير رسمية لتصريف الدولار بسعر أحسن من السعر يلي حدده البنك المركزي، لكن في جانب خفي وأكثر خطورة لهالظاهرة، وهو وقوف جهات خفية عم تمارس أعمال غير مشروعة مثل غسيل الأموال وتزوير العملة، وعم تدفع بهالظاهرة لتتوسع أكتر لتشرّع أموالها أو تضخ عملات مزورة بالسوق.
لكن المفاجأة يلي رصدتها “سوريا الغد” هي اختفاء بسطات الصرافة أخيراً، بالقرب من سوق الحميدية والحريقة، الشي يلي خلا بعض الناس يعتقدوا إنو هالتصرف جاء نتيجة لما تم تداوله عن قرار حكومي مرتقب للحد من هالظاهرة، بينما بقيت البسطات منتشرة بحذر بمناطق تانية مثل المرجة والمحافظة والشعلان، فهل كان هالاختفاء مجرد صدفة؟ أو في شي وراء الموضوع؟ وكيف رح تأثر هالظاهرة على الاقتصاد السوري الضعيف في حال استمرت؟
“سوريا الغد” رصدت حركة بسطات الصرافة في شوارع دمشق خصوصاً شارع الحمرا، واستطلعت آراء خبراء ومواطنين حول هالظاهرة ومخاطرها وسبل مواجهتها وجاءت لكم بما يلي:
بيقول أحد الخبراء الاقتصاديين لـ”سوريا الغد”، إنو انتشار بسطات تصريف العملات بشوارع دمشق بيشير لضعف الرقابة الحكومية وغياب آليات مكافحة الفساد المالي، مضيفاً إنو غياب استراتيجيات اقتصادية قوية للحد من هالظاهرة يعني فتح المجال أمام تجار العملة غير الشرعيين، الشي يلي بيؤدي لتدهور قيمة الليرة السورية بشكل أسرع، إضافة لمخاطر كبيرة تانية تتعلق بجعل هالمهنة ساحة خصبة لغسيل الأموال وتداول العملات المزورة.
وبيضيف الخبير، إنو التلاعب بالعملات صار جزء من أعمال منظمة وممنهجة يمكن تكون مرتبطة بشبكات كبيرة عم تشتغل على تبييض الأموال أو حتى بيع عملات مزورة داخل الأسواق المحلية، موضحاً: “لما يتحول تصريف العملة لمهنة يتم ممارستها بالأماكن العامة، هالشي بيعطي مساحة للأفراد والمجموعات المرتبطة بتجارة العملات المزورة لتمويه نشاطاتهم غير القانونية، وللأسف، الضحية الأكبر بهالمعادلة هو المواطن يلي عم يعاني من عدم استقرار قيمة الليرة السورية قدام العملات الأجنبية و غلاء الاسعار”
طرق علاجية
ولفت لضرورة معالجة هالظاهرة بسرعة ومواجهتها من خلال تعزيز الرقابة المالية عبر تكثيف الحكومة للرقابة على مراكز الصرافة غير القانونية، ومحاسبة كل من يتورط بهالنشاط وخاصة بسطات الصرافة، مع فرض غرامات مالية وعقوبات رادعة، وإطلاق حملات توعية للمواطنين حول مخاطر تداول العملات الأجنبية في السوق السوداء، وكيف هالشي بيؤدي لتدهور الوضع الاقتصادي أكتر.
وشدد على ضرورة توفير البدائل المشروعة من خلال زيادة عدد مراكز الصرافة المرخصة يلي بتعمل تحت إشراف الحكومة، بحيث تقدم خدمات صرافة موثوقة وبأسعار ثابتة، إضافة لتدعيم قيمة الليرة السورية من خلال سياسات نقدية فاعلة والتفكير باستخدام احتياطيات البنك المركزي لدعم الليرة أو التفاوض مع الدول الحليفة لتوفير مساعدات اقتصادية لتحسين الوضع، مبيناً أن توفر الليرة السورية لدى المواطنين من شأنه أن يقلل من انتشار هالظاهرة، خاصة أنو يلي بيدفع المواطنين لسوق الصرافة هذا هو حاجتهم لتأمين متطلباتهم المعيشية بالليرة السورية.
رأي الشارع
أما بالنسبة لرأي الشارع في دمشق و يلي رصدته “سوريا الغد”، تباينت الآراء حول ظاهرة بسطات الصرافة من شخص لآخر، لكن كل الآراء اتفقت على أن هم المواطن السوري في ظل الأزمة هو تأمين قوت يومه فقط.
بيقول أحمد، موظف بالقطاع العام: “نعيش بظروف صعبة، والرواتب صرفت من حوالي أسبوع بعد شهرين من الانتظار، يلي اضطرني لبيع بعض مصاغ “المدام” لتأمين الليرة السورية وشراء احتياجاتنا، أو نصرف مدخراتنا من الدولار، وهيك ما منلاقي قدامنا غير بسطات تصريف العملة لندبر أمورنا، والحكومة غايبة تماماً عن الرقابة، والليرة ما بتساوي شي مع غلاء الأسعار الجنوني.”
أما سماح، ربة منزل، بتقول: “أحياناً باضطر لبيع بعض القطع الذهبية يلي ورثتها لتأمين احتياجات عائلتي، المال صار شحيح والدولة ما عم تقدم أي حلول لحل المشكلة.”
فيما يعبر محمد، تاجر صغير، عن قلقه قائلاً: “إذا استمر الوضع على هالنحو، أنا خايف هالفوضى تخلي الناس تفقد ثقتهم بالليرة السورية، وهاد الشي ممكن يكون إلو تأثير كبير على الاقتصاد الوطني بالمستقبل.”
مشاجرات بالكراسي والطاولات
رصدت مراسلة “سوريا الغد” خلال الجولة، مشاجرة بين عدد من أصحاب البسطات بأحد شوارع دمشق، حيث كان أصحاب البسطات ينادوا “صراف صراف”، والهدوء يعم المكان، وفجأة علت الأصوات و تجمع الناس حول البسطات، وما إن مرّت دقايق حتى تحول الشارع لحلبة مصارعة بين الصرافين استخدموا فيها أدوات قتالية مثل الكراسي والطاولات البلاستيكية ضد بعضهم، ليتدخل الناس ويفضوا الاشتباك… كل هالشي والدولة نايمة.