تجارة الألم في سوريا.. مرضى يرزحون تحت وطأة غلاء العلاج وجشع الأطباء

0 Shares

كتبت: رانيا ناربي

المرضى بسوريا اليوم عايشين معاناة ما إلها آخر، بين وجع المرض، وغلاء المعيشة والأدوية، وغياب الكوادر الطبية الماهرة، صار المرضى بسوريا مجرد سلعة يتاجر فيها الأطباء. هي المعاناة ما وقفت عند ارتفاع تكاليف العلاج، بل امتدت للقسوة وعدم الاهتمام يلي بيظهره بعض الأطباء تجاه مرضاهم، يلي صاروا مجرد أرقام بمواعيد، أو وسيلة لزيادة دخلهم بسرعة.

صار في كتير من الأطباء، يلي مفروض يكونوا حماة للإنسانية، يتحولوا لتجار يتاجروا بآلام مرضاهم وكأنها بضاعة بيبيعوا فيها لزيادة أرباحهم، بحجة غلاء الأدوات والمواد الطبية. يمكن يكون عندهم عذر لهالشي، بس مو معقول الطبيب يستغل مريضه، يخليه يرجع يراجع العيادة أكتر من مرة بس ليجمع أجور المعاينة. وهالشيء ما صار مقبول، خصوصًا لما تكون التصرفات غير منطقية، أو يبعت المريض عند طبيب تاني صاحبه أو صيدلية أو مختبر تحاليل و ياخذ نسبة على التجرة، مع العلم إنه في بعض الأطباء يلي لسا عم يرحموا المرضى بأجرة المعاينة، وبيسامحوهم فيها و حتى بيوزعوا أدوية عليهم كمساعدة، وهدول من جماعة إن خليت خربت، ومنفتخر بوجودهم ببلدنا وهم كثر.

القطاع الصحي في سوريا من أكتر القطاعات تأثرا بالوضع يلي عم نعيشه، وهالشي جزء من الأخطاء يلي ارتكبها النظام الفاسد، يلي سمح للفساد يتغلغل في القطاع الطبي بسبب الرشاوى وقلة الرقابة، وبعض الأطباء استغلوا حاجة الناس وعذابهم ليحققوا مكاسب شخصية، وزادوا معاناتهم بدل ما يخففوها.

وفي هذا التقرير، راح نعرض لكم تجربة حقيقية لبنت عم بتعاني لتعالج أبوها، وهي حالة بتمثل ملايين الضحايا يلي تعرضوا للاستغلال من أطباء حولوا مهنتهم لتجارة على حساب صحة الناس.

تجارة الآلام

تقول نور: “والدي تعرض لوعكة صحية مفاجئة، وكان بداية سلسلة من المواقف اللي بتوضح كيف الأطباء صاروا يتاجروا بآلام مرضاهم. أول شي، انتفخت قدمه فجأة، وخفت من مشكلة في الكلى. اتصلت بالطبيب، ولما شرحت له حالته، عرض علي خيارين: الأول هو تحديد موعد مقابل 100 ألف، والتاني هو الانتظار بالطابور مقابل 60 ألف، مع العلم إنه المواعيد كانت كلها مليانة. قلت له إنه والدي مريض وما بيقدر ينتظر، وقَبل أخيرًا استقباله.”

وتضيف نور: “وصلنا العيادة، وكان الجو بارد، وبالرغم من البرد، ما كانت العيادة توفر أي راحة للمراجعين. الممرضة قالت إنه الكهرباء رح ترجع بسرعة لحتى يشغلوا التدفئة، بعد وقت طويل دخلنا أخيرًا، وكان الطبيب مش مهتم. ما عطانا وقت كافي لفحص والدي، وكان مشغول بس بجمع الفلوس.”

وتابعت: “فحص الطبيب والدي بسرعة وقال إنه حالته ما فيها خوف. لما حاولت أسأله عن انتفاخ قدمه، جاوبني ببرود إنه هاي مو من اختصاصه، وقال لي إنه لازم أروح على طبيب تاني متخصص بالأوعية الدموية. ما اهتم يشرحلي الوضع بشكل مفصل، ولا سأل عن حالته بجدية، كان همو الوحيد إنه يخلص بسرعة لحتى يستقبل المريض التاني.”

واقع مرير

وأضافت نور: “شو بدي قول؟! صار كل شيء تجارة. حتى لو الواحد مريض وعم يعاني، ما في حدا يرحم. كنت مفكرة إنه لما روح عند الطبيب رح يعطيني جواب يطمّني، بس للأسف كان أول سؤال منه: ‘إذا بدك موعد فورًا، لازم تدفعي 100 ألف.’ كيف يعني؟! وين راحت الإنسانية؟! صار همهم الأول المصاري، وكل يوم عم تزيد معاناتنا.

خلل في القطاع الصحي

هالقصة هي مجرد مثال صغير على كتير من القصص يلي عم تصير مع المرضى بسوريا. هي الظاهرة بتأكد إنه في خلل كبير بالقطاع الصحي بسوريا، وعم يعاني المواطن السوري من مرضين: الأول هو مرضه، والتاني هو مرض النظام الصحي اللي فشل بتقديم الرعاية اللازمة، وهذا بيستدعي التحرك الفوري من وزارة الصحة لتفعيل الرقابة على سوق الأطباء وتحديد تعرفة لسعر المراجعة حسب الاختصاصات و تشديد العقوبات على الأطباء المخالفين.

0 Shares
Tweet
Share